السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلام على كل العاملين والساعين لرفع الحجب وأغشية الظلمة عن أعين الناس ، والواضعين على أكتافهم عبء ألأخذ بأيدي الشاكين ، السلام عليكم أخواني جميعًا السلام على حضرات المشرفين على هذا المنتدى القيّم ورحمة الله وبركاته..
أما بعد ..
السؤال الذي راودني ووضعني بهذا الموقف صراحة ، هو أن أئمّة المذاهب الأربعة، وأبا الحسن الاَشعري والمعتزلي، ما كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يدركوا صحبته، فبأيّ دليل تحصرون الإسلام في رأي هؤلاء الستّة؟
ولماذا مثلاً لم تجعلوا البخاري ومسلم واصحاب الصحاح الستة بهذه بمنزلة مع أنهم علماء أجلاء وكبار ؟
ولو كان هؤلاء الائمة الاربعة على حق فلماذا هاجموا بعضهم البعض وطعنوا ببعضهم البعض ورمى الاول الثاني بالفسوق..؟:
فإن أصحاب أبي حنيفة وابن حزم وغيرهم يطعنون في الإمامين مالك والشافعي وأصحاب الشافعي، مثل : أمام الحرمين ، والإمام الغزالي وغيرهما يطعنون في أبي حنيفة ومالك.
فقد قال الإمام الغزالي في كتابه( المنخول في علم الاصول) : " فأمّا أبو حنيفة فقد قلّب الشريعة ظهراً لبطن، وشوّش مسلكها وغيّر نظامها و أردف جميع قواعد الشريعة بأصلٍ هَدَم به شرع محمد المصطفى صلى الله عليه وآله،.. ومن فعل شيئاً من هذا مستحلاً كفر، ومن فعله غير مستحلّ فسق " ويستمر بالطعن في أبي حنيفة بالتفصيل إلى أن قال:" إنّ أبا حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي، يلحّن في الكلام ولا يعرف اللغة والنحو ولا يعرف الاَحاديث، ولذا كان يعمل بالقياس في الفقه، وأوّل من قاس إبليس " انتهى كلام الغزالي .
وأمّا جار الله الزمخشري صاحب تفسير"الكشاف" وهو يُعدُّ من ثقات علمائكم وأشهر المفسّرين عندكم، قال في كتابه "ربيع الابرار" : قال يوسف بن أسباط : ردّ أبو حنيفة على رسول الله (ص) أربعمائة حديث أو أكثر !! وحكي عن يوسف أيضاً : أنّ أبا حنيفة كان يقول : لو أدركني رسول الله صلى الله عليه وآله لأخذ بكثير من قولي!!.
وقال ابن الجوزي في "المنتظم" اتّفق الكلّ على الطعن فيه – اي : في ابي حنيفة – والطعن من ثلاث جهات :
قال بعض انه : إنّه ضعيف العقيدة، متزلزل فيها
وقال بعض: إنّه ضعيف في ضبط الرواية وحفظها
وقال أخرون: إنّه صاحب رأي وقياس، وإنّ رأيه غالباً مخالف للأحاديث الصحاح . انتهى كلام ابن الجوزي .
ومن يريد ان يعرف أكثر حول المطاعن بالأئمة الأربعة، فاليراجع الكتب التالية : "المنخول في علم الأصول" للغزالي ، و" النكت الشريفة " للشافعي ، و" ربيع الابرار " للزمخرشي ، و" المنتظم" لأبن الجوزي . حتى تشاهد كيف يطعن بعضهم البعض إلى حدّ التكفير والتفسيق .
وأخيرا هل إن المذاهب الأربعة التي وجدت بعد رسول الله (ص) بعشرات السنين هي التي يجب الانتماء إليها والتمسك بها والعمل على طبقها؟ ولكن المذهب الذي كان على عهد رسول الله ص وكان مرضيّا عنده، لا يجوز التمسك به؟ وهل ينكر أحد صحبة الإمام علي عليه السلام لرسول الله ص ؟ واستماع حديثه الشريف، حتى أصبح باب علم الرسول ص ؟!
والعجيب أنّكم ترفضون كلّ مسلم مؤمن يعمل بالأحكام الدينية على غير رأي الأئمة الاربعة وتبيحون سلبه وقتله !!.
وبكل صراحة لم يعجبني بمذهب التشيع شيء اكثر من أعجابي بوحدتهم وأخذهم عن مصدر واحد، فإنّ الشيعة سائرون على منهج أهل البيت والخطّ الذي رسمه النبي(ص) فيأخذون دينهم من الإمام علي بن أبي طالب(ع) الذي تربّى في حجر رسول الله(ص) ، وهو باب علمه ، وقد أمر النبي(ص) بمتابعته والأخذ منه، والأئمّة الأربعة بعد لم يُخلقوا ، فقد جاؤا بعد رسول الله بعهد طويل .
أمَا قال النبي(ص) : إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً (1). فانظروا وفكّروا.. من المتمسّك بالثقلين؟؟
أما قال النبي (ص): إنّما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح، من ركبها نجى ومن تخلّف عنها غرق وهوى - وفي رواية: هلك (2) .
هل الأئمة الأربعة من أهل البيت عليهم السلام؟! أأبو حنيفة ومالك ريحانتا رسول الله وسبطاه وسيدا شباب أهل الجنة ! أم الحسن والحسين ؟
أما قال النبي (ص) فيهما : فلا تقدموهما فتهلكوا ، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا، ولا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم (3) .
وقد قال أبن حجر في تنبيه له على حديث الثقلين : سمّى رسول الله (ص) القرأن وعترته .. ثقلين ، لأن الثقل : كلّ نفيس خطير مصون وهذان كذلك، إذ كلّ منهما معدن للعلوم اللدنية والأسرار والحكم العليّة والأحكام الشرعيّة، ولذا حثّ النبي (ص) الاقتداء والتمسّك بهم والتعلّم منهم ....
لذا ثبُتَ عند الشيعة ان الامام هو صاحب الرئاسة العامة الإلهية خلافة عن رسول الله (ص) في أمور الدين والدنيا، إذ يجب على الأمة كافة اتباعه، ولذا نعتقد بأن الإمامة من أصول الدين.
(1) متواتر بشكل كبير جدا .
(2) الصواعق المحرقة: 91، ومصادر كثيرة .
(3) الصواعق المحرقة: 89،.....
و كثير من علمائكم وافقونا في هذه العقيدة وأثبتوا صحتها، وردوا كلام القائلين بأن الإمامة من فروع الدين ، منهم :القاضي البيضاوي ، وهو من أشهر مفسريكم ، قال في كتابه "منهاج الاصول" : إن الإمامة من أعظم مسائل أصول الدين التي مخالفتها توجب الكفر والبدعة .
ومنهم القوشجي ، وهو من أشهر الكلاميين عندكم، قال في كتابه "شرح التجريد" : في مبحث الامامة : وهي رئاسة عامة في أمور الدين والدنيا خلافة عن النبي ص .
ومنهم القاضي روزبهان، وهو من علمائكم الذي اشتهر بالتعصب ضد الشيعة قال: الإمامة عند الأشاعرة هي : خلافة الرسول في إقامة الدين وحفظ حوزة الملة بحيث يجب اتباعه على كافة الأمة .
ثم إذا كانت الإمامة من فروع الدين لما كان رسول الله(ص) يؤكد على أهميتها بقوله المروي في كتبكم المعتبرة، مثل :" الجمع بين الصحيحين" للحميدي ، و"شرح العقائد النسفية" لأسعد التفتازي ، قال (ص) : من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية .
من الواضح أن عدم المعرفة بفرع من فروع الدين لا يوجب التزلزل في أصل الدين حتى يخرج صاحبه من الدنيا بالجاهلية قبل الإسلام ولذا صرح البيضاوي : بأن مخالفة الإمامة توجب الكفر والبدعة .
وأن متابعة الإمام علي عليه السلام والأخذ منه في المسائل الفقهية واجب لما قاله النبي ص في حقه: إن من أطاعه فقد أطاعني، ومن عصاه فقد عصاني، وهو باب علمي، ومن أراد أن يأخذ من علمي فليأت الباب فهل هذا الاعتقاد كفر؟ أم الذي خالف النبي ص فقد كفر؟! لقول الله تعالى : (ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)
وإذا قلنا: إن من لم يعتقد بما قاله النبي ص في علي ع والأئمة من ولده الذين جعلهم عدل القرآن الحكيم في حديث الثقلين وألزم متابعتهم والتوسل بهم في حديث السفينة وهما حديثان مقبولان عندكم .
فلو قلنا: بأن من خالف عترة النبي ص وأهل بيته الطاهرين فقد تمرد على الله ورسوله وخرج من الدين، ما قلنا شططا، وما ذهبنا غلطا، بدليل الحديثين الشريفين، السفينة والثقلين، وأدلة عقلية ونقلية أخرى