بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلي على محمد وآل محمد
حكي عن أبي الهذيل العلاف أنه قال : دخلت الرقة فذكر لي أن بدير زكى ( رجلا ) مجنونا حسن الكلام ، فأتيته فإذا أنا بشيخ حسن الهيئة جالسا على وسادة يسرح رأسه ولحيته ، فسلمت عليه فرد السلام ، وقال : ممن يكون الرجل ؟ قال : قلت : من أهل العراق قال : نعم ، أهل الظرف والآداب ، قال : من أيها أنت ؟ قلت : من أهل البصرة ، قال : أهل التجارب والعلم ، قال : ( فمن ) أيهم أنت ؟ قلت : أبو الهذيل العلاف قال : المتكلم ؟ قلت : بلى ، فوثب عن وسادته وأجلسني عليها .
ثم قال بعد كلام جرى بيننا : ما تقول في الإمامة ؟ قلت : أي الإمامة تريد ؟ قال : من تقدمون بعد النبي ؟ قلت : من قدم رسول الله قال : ومن هو ؟ قلت : أبو بكر ، قال لي : يا أبا الهذيل ولم قدمتموه ؟ قلت : لان النبي قال : قدموا خيركم ، وولوا أفضلكم ، وتراضي الناس به جميعا .
قال ، يا أبا الهذيل ههنا وقعت ، أما قولك إن النبي قال : قدموا خيركم ، وولوا أفضلكم ، فاني أوجدك أن أبا بكر صعد المنبر ، وقال وليتكم ولست بخيركم ، فان كانوا كذبوا عليه ، فقد خالفوا أمر النبي وإن كان هو الكاذب على نفسه فمنبر النبي لا يصعده الكاذبون ، وأما قولك إن الناس تراضوا به فان أكثر الأنصار قالوا : منا أمير ومنكم أمير وأما المهاجرون فان زبير العوام قال : لا أبايع إلا عليا فأمر به فكسر سيفه ، وجاء أبو سفيان بن حرب فقال : يا أبا الحسن إن شئت لأملأنها خيلا ورجالا يعني المدينة وخرج سلمان فقال : " كردند ونكردند وندانند كه چه كردند " والمقداد وأبو ذر فهؤلاء المهاجرون .
أخبرني يا أبا الهذيل عن قيام أبي بكر على المنبر ، وقوله إن لي شيطانا يعتريني فإذا رأيتموني مغضبا فاحذروني لا أقع في أشعاركم وأبشاركم ، فهو يخبركم على المنبر أني مجنون ، وكيف يحل لكم أن تولوا مجنونا .
وأخبرني يا أبا الهذيل عن قيام عمر على المنبر وقوله وددت أني شعرة في صدر أبي بكر ثم قام بعدها بجمعة ، فقال : أن بيعة أبى بكر كانت فلتة وقى الله شرها فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه ، فبينا هو يود أن يكون شعرة في صدر أبي بكر يأمر بقتل من بايع مثله .
فأخبرني يا أبا الهذيل بالذي زعم أن النبي لم يستخلف وأن أبا بكر استخلف عمر ، وأن عمر لم يستخلف ، فأرى أمركم بينكم متناقضا .
وأخبرني يا أبا الهذيل عن عمر حين صيرها شورى في ستة وزعم أنهم من أهل الجنة ، فقال : إن خالف اثنان لأربعة فاقتلوا الاثنين ، وإن خالف ثلاثة لثلاثة فاقتلوا الثلاثة الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف ، فهذه ديانة أن يأمر بقتل أهل الجنة .
وأخبرني يا أبا الهذيل عن عمر لما طعن دخل عليه عبد الله بن العباس قال : فرأيته جزعا فقلت يا أمير المؤمنين ما هذا الجزع ؟ فقال : يا ابن عباس ما جزعي لأجلي ولكن جزعي لهذا الامر من يليه بعدي ، قال : قلت : ولها طلحة بن عبيد الله قال : رجل له حدة كان النبي يعرفه ، فلا أولي أمور المسلمين حديدا .
قال : قلت : ولها الزبير بن العوام ، قال : رجل بخيل رأيته يماكس امرأته في كبة من غزل ، فلا أولي أمور المسلمين بخيلا ، قال ، قلت : ولها سعد بن أبي وقاص قال : رجل صاحب فرس وقوس ، وليس من أحلاس الخلافة ، قلت : ولها عبد الرحمن ابن عوف ، قال رجل : ليس يحسن أن يكفي عياله ، قال : قلت : ولها عبد الله بن عمر فاستوى جالسا وقال : يا ابن عباس ما والله أردت بهذا ، أولي رجلا لم يحسن أن يطلق امرأته .
قلت : ولها عثمان بن عفان فقال : والله لئن وليته ليحملن آل أبي معيط على رقاب المسلمين ، وأوشك إن فعلنا أن يقتلوه - قالها ثلاثا .
قال : ثم سكت لما أعرف من معاندته لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب فقال لي : يا ابن عباس أذكر صاحبك ، قال : قلت : ولها عليا قال : والله ما جزعي إلا لما أخذت الحق من أربابه ، والله لئن وليته ليحملنهم على المحجة العظمى وإن يطيعوه يدخلهم الجنة .
فهو يقول هذا ثم صيرها شورى بين الستة ، فويل له من ربه . قال أبو الهذيل بينا هو يكلمني إذا اختلط وذهب عقله فأخبرت المأمون بقصته وكان من قصته أن ذهب بماله وضياعه حيلة وغدرا ، فبعث إليه المأمون فجاء به وعالجه وكان قد ذهب عقله بما صنع به ، فرد عليه ماله وضياعه وصيره نديما ، فكان المأمون يتشيع لذلك والحمد لله على كل حال .
نسألكم الدعاء