صحيح البخاري - كتاب المغازي - باب غزوة الخندق
http://hadith.al-islam.com/Display/D...Doc=0&Rec=6061(حدثني إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام عن معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر .قال : وأخبرني ابن طاوس عن عكرمة بن خالد عن ابن عمر قال : دخلت على حفصة ونسواتها تنطف .قلت : قد كان من أمر الناس ما ترين ، فلم يجعل لي من الأمر شيء !! .فقالت : إلْحَقْ ؛ فإنهم ينتظرونك ، وأخشى أن يكون في احتباسك عنهم فرقة .فلم تدعه حتى ذهب .فلما تفرق الناس ، خطب معاوية ، قال : من كان يُريد أن يتكلم في هذا الأمر ، فليطلع لنا قرنه ، فلنحنُ أحق به منه ومن أبيه !!!!!!! .قال حبيب بن مسلمة : فهلا أجبته ؟!!.قال عبد الله : فحللت حبوتي ، وهممتُ أن أقول : أحقُّ بهذا الأمر منك ؛ من قاتلكَ وأباكَ على الإسلام ، فخشيت أن أقول كلمة تفرق بين الجمع وتسفك الدم ، ويُحمل عني غير ذلك ، فذكرت ما أعدَّ الله في الجنان .قال حبيب : حفظت وعصمت .قال محمود عن عبد الرزاق : ونوساتها . ) انتهى
ــــــــــــــــــــــــ
قال ابن حجر العسقلاني في (فتح الباري بشرح صحيح البخاري) :(
قوله : ( قد كان من أمر الناس ما ترين , فلم يجعل لي من الأمر شيء ) مراده بذلك ما وقع بين علي ومعاوية من القتال في صفين يوم اجتماع الناس على الحكومة بينهم فيما اختلفوا فيه , فراسلوا بقايا الصحابة من الحرمين وغيرهما وتواعدوا على الاجتماع لينظروا في ذلك , فشاور ابن عمر أخته في التوجه إليهم أو عدمه فأشارت عليه باللحاق بهم خشية أن ينشأ من غيبته اختلاف يفضي إلى استمرار الفتنة .
قوله : ( فلما تفرق الناس )
أي بعد أن اختلف الحكمان , وهما أبو موسى الأشعري وكان من قبل علي وعمرو بن العاص وكان من قبل معاوية .
ووقع في رواية عبد الرزاق عن معمر في هذا الحديث " فلما تفرق الحكمان " وهو يفسر المراد ويعين أن القصة كانت بصفين , وجوَّزَ بعضهم أن يكون المراد الاجتماع الأخير الذي كان بين معاوية والحسن بن علي ورواية عبد الرزاق ترده , وعلى هذا تقدير الكلام , فلم تدعه حتى ذهب إليهم في المكان الذي فيه الحكمان فحضر معهم , فلما تفرقوا خطب معاوية إلخ .
وأبعد من ذلك قول ابن الجوزي في " كشف المشكل " : أشار بذلك إلى جعل عمر الخلافة شورى في ستة ولم يجعل له من الأمر شيئا فأمرته باللحاق , قال : وهذا حكاية الحال التي جرت قبل , وأما قوله فلما تفرق الناس خطب معاوية , كان هذا في زمن معاوية لما أراد أن يجعل ابنه يزيد ولي عهده .
كذا قال ولم يأت له بمستند , والمعتمد ما صرح به في رواية عبد الرزاق .
ثم وجدت في رواية حبيب بن أبي ثابت عن ابن عمر قال : " لما كان في اليوم الذي اجتمع فيه معاوية بدومة الجندل قالت حفصة : إنه لا يجمل بك أن تتخلف عن صلح يصلح الله به بين أمة محمد . وأنت صهر رسول الله وابن عمر بن الخطاب , قال فأقبل معاوية يومئذ على بختي عظيم فقال : من يطمع في هذا الأمر أو يرجوه أو يمد إليه عنقه " الحديث أخرجه الطبراني .
قوله : ( أن يتكلم في هذا الأمر )
أي الخلافة .
قوله : ( فليطلع لنا قرنه )
بفتح القاف .
قال ابن التين : يحتمل أن يريد بدعته كما جاء في الخبر الآخر " كلما نجم قرن " أي طلع قرن , ويحتمل أن يكون المعنى فليبد لنا صفحة وجهه , والقرن من شأنه أن يكون في الوجه , والمعنى فليظهر لنا نفسه ولا يخفيها .
قيل :
أراد عليا وعرض بالحسن والحسين .
وقيل :
أراد عمر وعرض بابنه عبد الله ,
وفيه بُعْد !! لأن معاوية كان يبالغ في تعظيم عمر !! .
ووقع في رواية حبيب بن أبي ثابت أيضا قال ابن عمر : ما حدثت نفسي بالدنيا قبل يومئذ أردت أن أقول له يطمع فيه من ضربك وأباك على الإسلام حتى أدخلكما فيه , فذكرت الجنة فأعرضت عنه . ومن هنا يظهر مناسبة إدخال هذه القصة في غزوة الخندق , لأن أبا سفيان كان قائد الأحزاب يومئذ .
قوله : ( قال حبيب بن مسلمة )
أي ابن مالك الفهري , صحابي صغير , ولأبيه صحبة , وكان قد سكن الشام وأرسله معاوية في عسكر لنصر عثمان فقتل عثمان قبل أن يصل , فرجع فكان مع معاوية وولاه غزوة الروم , فكان يقال له حبيب الروم لكثرة دخوله عليهم ومات في خلافة معاوية .
قوله : ( فهلا أجبته )
أي هلا أجبت معاوية عن تلك المقالة , فأعلمه ابن عمر بالذي منعه عن ذلك قال : حللت حبوتي إلخ .
ووقع في رواية عبد الرزاق عند قوله : "
فلنحن أحق به منه ومن أبيه - يعرض بابن عمر - "
فعرف بهذه الزيادة مناسبة قول حبيب بن مسلمة لابن عمر : هلا أجبته .
والحبوة بضم المهملة وسكون الموحدة ثوب يلقى على الظهر ويربط طرفاه على الساقين بعد ضمهما .
قوله : ( من قاتلك وأباك على الإسلام ) يعني يوم أحد ويوم الخندق ,
ويدخل في هذه المقاتلة علي ، وجميع من شهدها من المهاجرين , ومنهم عبد الله بن عمر .
ومن هنا تظهر مناسبة إدخال هذه القصة في غزوة الخندق لأن أبا سفيان والد معاوية كان رأس الأحزاب يومئذ .
ووقع في رواية حبيب بن أبي ثابت أيضا " قال ابن عمر فما حدثت نفسي بالدنيا قبل يومئذ , أردت أن أقول له يطمع فيه من قاتلك وأباك على الإسلام حتى أدخلكما فيه فذكرت الجنة فأعرضت عنه " .
وكان رأي معاوية في الخلافة تقديم الفاضل في القوة والرأي والمعرفة على الفاضل في السبق إلى الإسلام والدين والعبادة , فلهذا أطلق أنه أحق , ورأي ابن عمر بخلاف ذلك , وأنه لا يبايع المفضول إلا إذا خشي الفتنة , ولهذا بايع بعد ذلك معاوية ثم ابنه يزيد ونهى بنيه عن نقض بيعته كما سيأتي في الفتن , وبايع بعد ذلك لعبد الملك بن مروان .
قوله : ( ويحمل عني غير ذلك )
أي غير ما أردت , ووقع في رواية منقطعة عند سعيد بن منصور أخرجها عن إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب قال : " نبئت أن ابن عمر لما قال معاوية من أحق بهذا الأمر منا ومن ينازعنا , فهممت أن أقول الذين قاتلوك وأباك على الإسلام , فخشيت أن يكون في قولي هراقة الدماء , وأن يحمل قولي على غير الذي أردت " .
قوله : ( فذكرت ما أعد الله في الجنان )
أي لمن صبر وآثر الآخرة على الدنيا .
قوله : ( قال حبيب )
أي ابن مسلمة المذكور " حفظت وعصمت " بضم أولهما أي أنه صوب رأيه في ذلك . وقد قدمنا أن حبيب بن مسلمة المذكور كان من أصحاب معاوية .
قوله : ( قال محمود عن عبد الرزاق : ونوساتها )
أي إن عبد الرزاق روى عن معمر شيخ هشام بن يوسف هذا الحديث كما رواه هشام فخالف في هذه اللفظة فقال : " نوساتها " وهذا هو الصواب كما تقدم , وطريق محمود هذا وهو ابن غيلان المروزي وصلها محمد بن قدامة الجوهري في كتاب " أخبار الخوارج " له قال : حدثنا محمود بن غيلان المروزي أنبأنا عبد الرزاق عن معمر فذكره بالإسنادين معا , وساق المتن بتمامه , وأوله " دخلت على حفصة ونوساتها تنطف " وقد ذكرت ما في روايته من فائدة زائدة , وكذلك أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده عن عبد الرزاق .) انتهى كلام ابن حجر .
وفي سير أعلام النبلاء للذهبي ج3 / 224العوام بن حوشب عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عمر قال يوم دومة جندل جاء معاوية على بختي فقال ومن الذي يطمع في هذا الأمر ويمد إليه عنقه فما حدثت نفسي بالدنيا إلا يومئذ
هممت أن أقول يطمع فيه من ضربك وأباك عليه ثم ذكرت الجنة ونعيمها فأعرضت عنه .
وفي ج3/225حماد بن زيد عن أيوب عن نافع
أن معاوية بعث إلى ابن عمر بمئة ألف فلما أراد أن يبايع ليزيد قال أرى ذاك أراد إن ديني عندي إذا لرخيص (1).
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) قال الشيخ شعيب الأرنؤوط :
إسناده صحيح ، وهو في طبقات ابن سعد 4/182 ، وتاريخ الفسوي 1/492 .
ابن علية عن أبي عون عن نافع قال
حلف معاوية على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتلن ابن عمر يعني وكان ابن عمر بمكة فجاء إليه عبد الله ابن صفوان فدخلا بيتا وكنت على الباب فجعل ابن صفوان يقول أفتتركه حتى يقتلك ؟! والله لو لم يكن إلا أنا وأهل بيتي لقاتلته دونك فقال ألا أصير في حرم الله ؟ وسمعت نحيبه مرتين فلما دنا معاوية تلقاه ابن صفوان فقال إيها جئت لتقتل ابن عمر قال والله لا أقتله (2)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(2) قال الشيخ شعيب :
إسناده صحيح . وهو في الطبقات 4/183 ..
مسعر عن أبي حصين ، قال معاوية : من أحق بهذا الأمر منا ؟ وابن عمر شاهد .
قال : فأردت أن أقول :
أحق به منك من ضربك عليه وأباك ، فخفت الفساد .
معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه .
وابن طاووس عن عكرمة ابن خالد عن ابن عمر ، قال : دخلت على حفصة ونوساتها تنطف .
فقلت : قد كان من الناس ما ترين ولم يجعل لي من الامر شيء .
قالت : فالحق بهم ، فإنهم ينتظرونك ، وإني اخشى ان يكون في إحتباسك عنهم فرقة .
فلم يرعه [تدعه] حتى ذهب .
قال : فلما تفرق الحكمان ، خطب معاوية ، فقال :
من كان يريد ان يتكلم في هذا الامر ، فليطلع إليَّ قرنه ، فنحن أحق بذلك منه ومن أبيه - يعرض بابن عمر - !!! .
قال حبيب بن مسلمة : فهلا أجبته فداك أبي وأمي ؟ .
فقال ابن عمر : حللت حبوتي فهممت أن أقول :
أحق بذلك منك من قاتلك وأباك على الإسلام فخشيت ان اقول كلمة تفرق الجمع ويسفك فيها الدم فذكرت ما أعد الله في الجنان . )
انتهى المراد من سير أعلام النبلاء للذهبي .
يقول مرآة التواريخ :
تلاحظون أن جرأة ابن آكلة الأكباد أحرجت ابن حجر في شرح عبارته !!
بقوله :
اقتباس:
وقيل :
أراد عمر وعرض بابنه عبد الله ,
وفيه بُعْد !! لأن معاوية كان يبالغ في تعظيم عمر !! .
لكنه سرعان ما فضح نفسه ، فنقل عن عبدالرزاق
ما دحض به ما استبعده قبل أسطر ، قال :
اقتباس:
ووقع في رواية عبد الرزاق عند قوله : " فلنحن أحق به منه ومن أبيه - يعرض بابن عمر - " فعرف بهذه الزيادة مناسبة قول حبيب بن مسلمة لابن عمر : هلا أجبته . إذن ، ما استبعده من أن معاوية أراد التعريض بابن عمر ، جاء هنا ليؤكده - يؤكد التعريض بابن عمر - لكنه بدلاً من الالتفات إلى هذا الأمر !! تباردَ أو تجاهل التعريض بابن عمر فعرف منه فقط
مناسبة قول حبيب بن مسلمة لابن عمر [هلا أجبته ؟!] !!
عجيب يا بن حجر !!
منذ قليل تستبعد أن يكون التعريض بابن عمر ، ثم تنقل التعريض به نصاً لكنك تتجاهله
!!
وكأنك تستعظم أن يدّعي ابن آكلة الأكباد أنه أحق بالخلافة من عمر بن الخطاب الذي مهَّدَ له الأمر ، فكان جزاؤه النكران !! لكن ابن حجر لم يكتف بهذا التحريف لمعنى كلام معاوية ، بل وجد أن الأمر لابد له من معالجة تزيل الخجل الذي أوقعهم فيه ..
فأراد أن يعتذر له بقوله :
اقتباس:
وكان رأي معاوية في الخلافة تقديم الفاضل في القوة والرأي والمعرفة على الفاضل في السبق إلى الإسلام والدين والعبادة ,
فلهذا أطلق أنه أحق .
اقتباس:
ورأي ابن عمر بخلاف ذلك , وأنه لا يبايع المفضول إلا إذا خشي الفتنة , ولهذا بايع بعد ذلك معاوية ثم ابنه يزيد ونهى بنيه عن نقض بيعته كما سيأتي في الفتن , وبايع بعد ذلك لعبد الملك بن مروان .
لكنه هل رفع الحرج عن عمر بهذا الأمر ؟!!
كلا .. كلا !!
بل زاد الطين بله !!
فهو بهذا طعن في عمر من حيث سلبه ميزة القوة والرأي والمعرفة المدّعاة له من قبل أهل السنة والجماعة التي طالما تغنوا بها !! ، فهي عند معاوية - في رأي معاوية - متقدمة على تلك التي عند عمر .
وفي هذا ما فيه .
فأراد أن يكحلها ابن حجر ، فأعماها ــــــــــــــــــــــــ
سؤال للأذكياء : من عنى ابن عمر بقوله : ]أحق بهذا الأمر منك من قاتلك وأباك على الإسلام ] ؟